لقد أظهرت أزمة الشيشان ، وأفغانستان واحتلال العراق ، على الساحة خير مجاهدين ، وقدوات حقيقية .
ومن غير المعقول أن تعشق شخصيات كـ “ جيفارا ”
وأمتك بها رجال ، وقفوا في وجه العدو ، وزلزلوا عروش الروس والأمريكان ، ومن بين هؤلاء الأبطال خطاب .
من هو خطاب ؟
خطاب واسمه الحقيقي “ ثامر صالح السويلم ” و يعرف في القوقاز باسم “ سامر سويلم ”و " خطاب " كان لقبه وهو اختصار للقبه القديم “ بن الخطاب ” بسبب إعجابه و تأثره الشديد بـ “ عمر بن الخطاب ”
و يلقب بين أنصاره “ الأمير خطاب ” و “ سيف الإسلام ” خطاب .
نشأته وشبابه
ولد خطاب في عام 1969م في عرعر في شمال المملكة العربية السعودية
كان والده يأخذه مع أخوته كل أسبوع إلى المناطق الجبلية ، يعلمهم الشدة والشجاعة ويضع على ذلك الجوائز والحوافز
كما يطلب منهم التدريب على القتال ، حتى تشتد سواعدهم وفي هذا الجو بدأت تظهر آثار النجابة والشجاعة على خطاب .
كان “خطاب” في بداية شبابه يحلم كأي شاب بالوظيفة ، والرتبة العالية ، لهذا عرف بتفوقه الدراسي
حتى أنه تخرج من الثانوية العامة بتخصص علمي ، ومعدله أكثر من 94% في النصف الثاني
وعمل في شركة أرامكو وكان يستلم راتب 2500 ريال وعمل بها سنه ونصف ثم حدثت أحداث أفغانستان وترك وقتها العمل وضحى به.
الطريق نحو الجهاد
أفغانستان
هاجر خطاب إلى “ أفغانستان ” وهو في الـ 18 من عمره ، و التحق بالمجاهدين و تدرب معهم في أفغانستان
للاشتراك في القتال ضد القوات السوفيتية العادية منها والخاصة ، حضر خطاب الكثير من العمليات العسكرية في الجهاد الأفغاني
منذ عام 1988 حيث قضى الفترة ما بين 1989 إلى 1994 في أفغانستان وخلالها التقى بمؤسس قاعدة الجهاد “ أسامة بن لادن ”
وفي عام 1994 تم تعيينه من قبل المجاهدين مسؤول عسكري على مخيم لتدريب المجاهدين في “ خوست ”
بعد هزيمة الجيش السوفيتي و انسحابهم من أفغانستان أنتقل خطاب ومجموعة صغيرة من رفاقه إلى طاجيكستان
للجهاد ضد نفس الجيش و مكثوا هناك عامين حتى 1993 حتى عام 1995 يقاتلون الجيش السوفيتي
وهناك قد انقطع أصبعين من أصابع يده اليمنى بسبب انفجار قنبلة في يده
وقد حاول إخوانه المجاهدين إقناعه بالعودة إلى “ بيشاور ” ولكنه رفض و صمم على وضع على إصابته عسل نحل وربطها قائلاً :
“ أن هذا سوف يعالج هذه الإصابة وليس هناك حاجة للذهاب إلى بيشاور ”بعد العامين ، عاد خطاب ومجموعته إلى أفغانستان في بداية عام 1995 م
وكان في هذا الوقت بداية الحرب في “ الشيشان ” حيث وصف شعوره عندما رأى أخبار على محطة تلفزيونية فقال :
” عندما رأيت المجموعات الشيشانية مرتدية عصابات مكتوباً عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله
ويصيحون صيحة الله أكبر علمت أن هناك جهاداً في الشيشان وقررت أنه يجب علي أن أذهب إليهم ”
الشيشان
رحل خطاب من أفغانستان ومعه مجموعة مكونة من ثمانية مجاهدين مباشرة إلى الشيشان في عام 1995 م
وبعد أربع سنوات مضت ، بعد ذلك جعلت هذه التجربة تجربة خطاب في أفغانستان ، و طاجيكستان
تظهر كأنها “ برغم ضخامتها ” كانت لعبة أطفال يقول المسئولون في الجيش الروسي :
“ طبقاً لإحصاءاتهم أن عدد الجنود الذين قتلوا في خلال ثلاث سنوات من الحرب في الشيشانكان في الشيشان قائد المجاهدين العرب فكانت له أهمية عسكرية كبيرة كمخطط ورديف
فاق أضعاف عدد الجنود الذين قتلوا خلال عشر سنوات من الحرب في أفغانستان ”
حيث تعاون مع القائد الشيشاني شامل باسييف في عمليات كثيرة في الشيشان ، و داغستان
كما استطاع إجبار القوات الروسية على إعلان وقف إطلاق النار في الحرب الشيشانية الأولى عام 1996 م .
من أهم قراراته هو أنه جعل القيادة العسكرية بيد الشيشانيين
عرف الشعب الشيشاني بحميته لأرضه وعرقه ، فخشي أن يكون ذلك مدخلاً لخلخلة الجهاد من خلال العملاء والخونة
الذين يجيدون هذا النوع من المكر، والصوفية يحاولون نزع الإجماع الشعبي من حوله بالتذكير بأصله غير الشيشاني
دخل خطاب تحت قيادة جوهر دوداييف القائد الشيشاني السابق وأعجب به لخفة نفسه وحسن تعامله وارتفع في نفسه عندما سأله قائلاً :
“ ما هو هدفكم من الجهاد يا جوهر دوداييف ؟
” فقال القائد الشيشاني : “ كل طفل من القوقاز هجر إلى المهجر عشرات السنين يحلم أن يرجع الإسلام إلى أرضه ”
اغتيال البطل
أحد القادة الميدانيين العرب قد أرسل رسولاً إلى خطاب ، يحمل إليه رسالة خطيه وفي وسط الطريق أرسل خطاب رسولاً من عندهليتسلم الرسالة ، ولكن ذلك الرسول الذي من عند خطاب كان عميلاً ” إبراهيم ألاوري داغستاني “ كان عميل للمخابرات الروسية
و بالاتفاق معهم وضع سماً في الرسالة ، يحكي احد المجاهدين عن قصة اغتيال ” خطاب ” فيقول :
“ عندما فتح خطاب الرسالة لاحظنا أن الرسالة ليست كالرسائل العادية لأن عليها مثل الغشاء البلاستيكيوبعد عناء استمر ثلاث أيام ارتقت روح البطل إلى بارئها .
وكنا نظن أن هذا الورق من النوع الراقي وقلنا له مازحين أكيد هذه الرسالة من ناس كبار مع أن الشك يساورنا
لأن ورقها غير طبيعي وكنا نريد أن ننبهه على ذلك ولكن نحن نعلم أنه أفهم وأعرف منا في هذه الأمور
ولكن إذا حضر الأجل عمي البصر ، وكان رحمه الله يقرأ الرسالة وهو يأكل مما جعل السم يدخل إلى جوفه مباشره
وبعد عدة دقائق بدأ يشعر بدوران وبغشاوة على عينيه وكان يظن ذلك من أثر الصيام لأنه كان صائماً في نهار ذلك
اليوم ثم ذهب إلى الفراش ليأخذ قسطاً من الراحة ثم عاد بعد بعض الوقت ليقرأ الرسالة مرة ثانيه ولكنه لم يعد يرى
الكتابة بوضوح وشعر بإرهاق شديد جداً ثم نام إلى الصباح وبعد صلاة الفجر بدأ يشعر بضيق التنفس
وعدم وضوح الرؤية وقال للذين معه أجمعوا الأغراض حتى لو حصل أي شيء نتحرك بسرعه
وهذه عادت كل المجاهدين فجمع أمير الحرس الأغراض والرسائل بما فيها تلك الرسالة المسمومة
وجاء وقت صلاة الظهر فلم يستطع أن يؤم الإخوة في الصلاة وقدم أمير حرسه في الصلاة
وبعد انتهاء الصلاة اشتد به الألم ثم سجد وبدأ يردد ، " لا إله إلا الله ”
لم ينسى المجاهدون خطاب فتمت ملاحقة قاتله – إبراهيم ألاوري – من قبلهم ، وتمت تصفيته في “ باكو ” في “ أذربيجان ”
بأوامر من رفيق درب خطاب الأمير شمال باسييف ، رغم أن المجاهدين تكتموا خبر موته لمصلحة الجهاد ولحين ترتيب الأوضاع
إلا أنه تسربت أنباء مصرعه حيث وقع شريط الفيديو الذي صوره المجاهدون لجثمان خطاب في أيدي القوات الروسية
وبادرت بنشر الشريط .
ارتقى البطل بعد حياة قضاها في سبيل الله 1
من كلام “ خطاب ” في أحدى المناسبات : “ من عاش صغيراً مات صغيراً ومن عاش لأمته عظيماً مات عظيما ”
أقيمت برامج كاملة عن حياة خطاب ونوقشت فيها أفكاره العسكرية وخططه التي وصفها أحد خبراء الروس في برنامج عرض
في أحد أيام السبت بأنها جهنمية و وصفها أخر بأنها شيطانية وانتهت الأسطورة الإسلامية باغتياله عام 2002 في شهر مارس .
التكتيكات الجهادية الخطابية
خمسة عشر عاماً تقريباً قضاها خطاب في جهاد متواصل ، في مناطق مختلفة وخلال تلك الأعوام المتلاحقة
تكونت لديه رؤية واضحة للجهاد رؤية تنطلق من الكتاب و السنة ترتكن على خبرة وتجربة عريقة رغم حداثة سنه
الجهاد في أدبيات “ الكوماندوز خطاب ” هو ذروة سنام الإسلام
وله أهدافه التي لا يُسمح أن يحيد عنها المجاهدون وإلا لم يعد ما يفعلونه جهاداً
والانطلاق من الكتاب والسنة وفهم السلف في مسيرة الجهاد في إطار المواجهة العسكرية مع الجيش الروسي
يعتبر خطاب ورفاقه أن أهم عوامل التفوق وإرباك العدو هو عدم وجود أي منشآت حيوية أو مقرات ثابتة للمجاهدين في الشيشان
هم دائماً مجموعات صغيرة دائمة التنقل يتبدل مكانها من المدن و القرى إلى الجبال
كان خطاب يؤمن بالجهاد من خلال الإعلام لذلك فهو دائما يصر على تصوير كل عملياته و يقول :
“ لدي مكتبة بها مئات الشرائط المصورة في أفغانستان و طاجيكستان و الشيشان لم تنشر بعد “
نظريات تأسيس المجاهدين
لم يكن خطاب يقاتل بأسلوب عشوائي ، وإنما كان له فكر جهادي ، ناضج حتى أصبح مدرسة ومنهجاً ، وكان له 3 نظريات :النظرية الأولى ( التربية ) :
وعلى هذا الأساس كلما أتى بلداً من البلدان وأراد أن يفتح باب الجهاد فيها ، قام بأخذ مجموعة من شبابها ثم يعتنى بهمويضعهم في محاضن دعوية ، حتى يكونوا هم أساس الدعوة والجهاد في ذلك البلد
وفي الشيشان أنشأ معهد القوقاز الديني لتخريج الدعاة، أول مجموعة اعتنى بها في الشيشان كانت من 90 شخصاً
ثم صفاها حتى وصل عددها إلى 60 شخصاً ، مع وجود معارضة من بعض الشيشانيين في هذا الأمر
حيث طالبوا بالقتال ابتداء وكانوا يحتجون بضيق الوقت واحتلال بلاد المسلمين والعبث بها ولكنه أصر على هذا الأمر
كما كان يحث جنوده على مسألة مهمة وهي مطابقة الفعل مع القول .
النظرية الثانية ( التجهيز ) :
فقد بلغ به الأمر أنه كان يجهز عتاد السنة قبلها فكان يُعْجِز من حوله بدقة الترتيباتحتى كان مدرسة في التنظيم والترتيب منذ كان في أفغانستان ، وكان استعداده يشمل ، الطعام ، والسكن ، والطريق
والاستخبارات حول العدو ، بحيث يحصل التكامل في تجهيزه واستعداده .
النظرية الثالثة ( القتال ) :
طالب بعض الخبراء العسكريين الروس أن تدرس أفكاره العسكرية في جامعاتهمنظراً لعدة أمور منها أن الشيشان صغيرة ومكشوفة تكنولوجياً وعسكرياً ومع ذلك نجح في مهمتين :
استطاع التخفي بجنوده والحفاظ عليهم ، واستطاع أيضاً دك القوات الروسية و إيقاع الخسائر بها .
رحم الله البطل ، وتقبله في الشهداء